بالنسبة للكثيرين، قد تبدو صحراء المملكة العربية السعودية خالية من الحيوانات. ولكن المظاهر قد تكون خادعة، لأن هناك في الحقيقة تنوعاً في الحياة في الصحراء أكثر بكثير مما تتوقع. فالكثير من الثدييات في البلاد تكيّفت مع المناخ الحار والجاف عن طريق نمط العيش الليلي، لذلك فهي نادراً ما تُشاهد في النهار. وعادة ما تخرج الحيوانات العاشبة من مخابئها لترعى النباتات المتناثرة عند الفجر وعند الغسق، متجنبة بذلك الساعات التي تسطع فيها الشمس بقوة. كما تكيّفت الحيوانات مع نقص المياه المتاحة عن طريق إعادة تدوير السوائل، حيث تستهلك الندى على النباتات أو السوائل في أجسام فرائسها.
يُعرّفك هذا القسم على بعض الأنواع الرائعة التي قد تُصادفها أو ترى أدلة على وجودها خلال رحلتك الاستكشافية، بالإضافة إلى الأنواع المهمة المُهدّدة بالانقراض التي لن تراها غالباً كونها محميّة ضمن برامج التكاثر أو المحميّات الطبيعية في المملكة العربية السعودية. رغم أن الدليل لا يُعد سلطة جامعة للمعلومات، إلا أنه سيُحفّز شهيتك لاستكشاف الصحراء من خلال تسليط الضوء على بعض الحياة البريّة الصحراوية والجبلية الأكثر شيوعاً والحيوانات المستوطنة في المملكة العربية السعودية وشبه الجزيرة العربية. تم تضمين الأسماء الشائعة باللغتين العربية واللاتينية عند الاقتضاء.
(راجع قسم مصادر أخرى لمزيد من المعلومات).
الثعلب الأحمر العربي أصغر حجماً وأخف وزناً من أبناء عمومته الثعالب الأوروبية، ويتراوح لونه بين الرملي الفاتح والبني الفاتح أو البني المائل للحُمرة. وهو ينشط في الليل والنهار على عكس الأنواع الأخرى من الثعالب التي تعيش في الصحراء العربية. ويُعد ثعلب روبل (Vulpes rueppellii) وثعلب بلانفورد (Vulpes cana) من الأنواع الليلية الأصغر حجماً. ويعيش ثعلب روبل بين الكثبان الرملية، بينما يتواجد ثعلب بلانفورد بكثرة في المنحدرات الجبلية.
يُعتقد أن النمر العربي انقرض في الحياة البريّة، وتقتصر الأعداد المتبقية منه على ما هو موجود ضمن برامج الإكثار التابعة للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية. وإدراكاً منها للحاجة المُلحّة إلى إنقاذ هذه الكائنات المهيبة، التزمت المملكة العربية السعودية بضمان العيش المستدام للنمر العربي. تتميز هذه القطط القوية التي يصل وزنها إلى 90 كغ، بفرائها وبتنوّع ألوانها من الأصفر الباهت إلى البني الفاتح وبكثافة انتشار البقع الصغيرة الشبيهة ببراعم الأزهار على أجسادها.
المها العربي هو أكبر الظلفيات العربية، ويتكيّف بشكل جيد مع البيئة الصحراوية. تُجسّد هذه الحيوانات القوة والجمال والقدرة على التحمّل، وتستطيع العيش دون شرب الماء وتروي ظمأها من الرطوبة المتكوّنة على النباتات التي تأكلها أو الجذور التي تقتلعها. يُساعدها فراؤها الأبيض كذلك في تشتيت أشعة الشمس، ويحميها جلدها الأسود من الأشعة فوق البنفسجية. ويعتقد الكثيرون أن المها هو وحيد القرن الأسطوري نظراً لتشابه قرنيه الطويلين المتناظرين بوحيد القرن عند النظر إليهما بشكل جانبي.
هناك عدد من أنواع الحيوانات المهمة التي تستوطن شبه الجزيرة العربية ومناطق أخرى من الشرق الأوسط مهددة بالانقراض. لذلك زادت المملكة العربية السعودية من عدد المحميات في المملكة وأنشأت برامج لتكاثر الحيوانات.
كما أن المها العربي انقرض في البراري بسبب الصيد، ولكنه أعيد إليها من خلال برامج الإكثار، التي شملت أيضاً الوعل (البدن) وأنواعاً مختلفة من الظباء. واليوم، يمكن رؤية هذه الحيوانات في العديد من المتنزهات الوطنية في أنحاء المملكة العربية السعودية، مثل متنزه الثمامة الوطني، أو محمية عروق بني معارض.
يعطي الفن الصخري في المملكة العربية السعودية فكرة عن الحيوانات التي كانت سائدة في الماضي، ومن بينها المها العربي والوعل (البدن) والضبع المخطط (Hyaena hyaena).
لا يوجد في المملكة العربية السعودية إلا نوع واحد من الجمال، وهو الجمل العربي ذو السنام الواحد، بينما يعيش الجمل ذو السنامين غالباً في المناطق الأكثر برودة في الصين وروسيا. وتعود ملكية جميع الجمال التي تراها لشخص معيّن وتستطيع آن تلمح عليها علامة تشير إلى صاحبها.
بشكل عام، تعتبر الجِمال من الحيوانات الهادئة رغم أنها قد تعض أو ترفس إذا تعرضت للاستفزاز، ولا سيما الذكور. ويكتمل نمو الجمل عند بلوغه 4 سنوات ويُمكن أن يعيش لمدة تصل إلى 30 أو 40 عاماً. تم ترويض الجمال منذ حوالي 5,000 عاماً وكان في الماضي أساسياً لحياة البدو الذين استخدموه لحمل البضائع الثقيلة على مسارات القوافل وكمصدر للغذاء. وفي الحاضر، تُربّى الجمال من أجل حليبها ولحومها ولاستخدامها في السباقات وعرضها في المهرجانات.
ما زال الأرنب الصحراوي شائعاً إلى حد ما في جميع الموائل باستثناء الجبال العالية، وهو مهم كفريسة للعديد من الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة. وينشط هذا الأرنب غالباً في الليل، ويبقى خلال ساعات النهار الحارة في جحر صغير في الرمال في منطقة ظليلة. ويمكن أن تلد أنثى الأرنب الصحراوي أكثر من 20 أرنباً صغيراً، توزعهم في أماكن مختلفة لزيادة فرص بقائهم على قيد الحياة، لذلك يجب أن يصبحوا قادرين على العيش بشكل مستقل خلال أيام قليلة.
تنشط القوارض الصغيرة، مثل فأر تشيزمان، في الليل بحثاً عن البذور والمواد النباتية الأخرى، ثم تمضي النهار الحار الطويل في جحور تحت الأرض. وتعيش معظم القوارض الصحراوية في المناطق الرملية، حيث لا يمكن رؤية آثارها إلا في الصباح الباكر قبل أن تمحوها الرياح. وإذا كنت تخيّم في الليل في الكثبان الرملية، فقد تراها تبحث عن الطعام بعد حلول الظلام. ولا يعيش في الجبال إلا الفأر المعروف باسم عضل واجنر والفأر الشوكي المصري.
ثعلب الصحراء هو أصغر أنواع الثعالب، إذ يبلغ وزنه حوالي 1.5 كغ فقط. ويعيش هذا النوع في الكثبان الرملية الصغيرة والمساحات المفتوحة التي تتناثر فيها الأعشاب والشجيرات. وهو بنّاء ماهر يُمكنه حفر جُحر تصل مساحته إلى 120 م2 وله العديد من المداخل التي يدخل ويخرج منها. ولا يحتاج الفنك إلى شرب الماء، إذ يحصل عليه عن طريق أكل الحشرات والسحالي والدرنات. يكبُر حجم آذان هذا الثعلب عن معظم أنواع الثعالب الأخرى وهي مفيدة لتحديد موقع الفريسة تحت الأرض وأيضاً لتبريد حرارة الجسم بفعّالية أكبر. وتتواجد ثعالب الصحراء في المناطق الرملية بجميع أنحاء الربع الخالي.
يُمكن تمييز هذا القنفذ الصحراوي الصغير من خلال خطمه الداكن المحاط بخصلات شعر أفتح لوناً. ويتواجد هذا النوع على نطاق واسع حول جبل طويق والمنطقة الوسطى والطائف والعلا، ويأكل الحشرات والديدان والقوارض الصغيرة، ويمر بفترة سبات شتوي مثل أبناء عمومته في جميع أنحاء العالم. يتخّذ القنفذ الصحراوي المناطق الصخرية موطناً له في الصحراء، ولكن من الشائع رؤيته في حدائق المدينة بعد حلول الظلام. يحمل القنفذ الصحراوي طفيلياً معوياً يُمكن أن يصيب البشر، ولذلك من الأفضل الابتعاد عنه، وغسل اليدين جيداً في حال لمسه.
يُعد هذا القط سلف القطط المنزلية. وهو حيوان منعزل وشرس يعيش في جميع المناطق باستثناء الكثبان الرملية الكبيرة، ويقضي معظم ساعات النهار في الجحور ويصيد ليلاً. ووجوده مهدد بسبب فقدان الموائل الطبيعية والتزاوج مع القطط المنزلية.
ومن الأنواع الأخرى للقطط البرية في المنطقة القط الرملي، الذي يتميز بصغر حجمه ووجود شعر يغطي باطن أقدامه لحمايتها من الحرارة ومنعه من الغوص في الرمال.
البابون هو النوع الوحيد من الرئيسيات الذي يوجد في شبه الجزيرة العربية، ويعيش في مجموعات قد يصل عددها إلى المئات، ومعظمها في منطقة عسير الجبلية. والذكر أكبر من الأنثى ويتميز بشعر فضي على ظهره ويتراوح وزنه بين 20 و30 كغ، وغالباً ما يكون ضعف وزن الأنثى. ويعيش البابون في مجتمع أبوي يقوم على تراتبية هرمية، حيث تكون للذكور المهيمنة عدة إناث تشكل معها عشيرة. وتبقى معظم الذكور البالغة في عشيرتها الأصلية وتحافظ على روابطها مع أقاربها طوال حياتها. ويأكل البابون كل شيء، من الأعشاب والبذور والجذور واللحاء والفواكه إلى الحشرات والقوارض والطيور.
يمكن رؤية مجموعات البابون على حواف الجبال وبين التلال وفي محيط المناطق الزراعية. ويمكن أن تكون عدوانية، خاصة إذا كانت تحمي صغارها أو تريد الحصول على الطعام. لذلك من المهم عدم إطعامها. ونظراً لعدم وجود حيوانات تفترسها، فإن أعدادها في تزايد، وتتوسع موائلها مع انتشار الزراعة. وهناك أعداد من قرود البابون حول جبل الجبيل في ضواحي الرياض. أما موائلها الرئيسية فهي جبال عسير، وفي محيط الطائف وأبها.
ظبي الإدمي، المعروف أيضاً باسم غزال الأدمي، أكبر حجماً من ظبي الريم وأغمق منه لوناً، وغالباً ما يعيش في مناطق الرمال العميقة والتلال الصخرية على أطراف الربع الخالي وفي محميّة عروق بني معارض الطبيعية حيث تزداد أعداده. كما تعيش عدة مئات من نوع فرعي منه معروف باسم غزال فَرَسان (Gazella gazella Farasani) في موئل محميّة بجزر فَرَسان، قبالة ساحل جيزان. يمتاز هذا النوع الفرعي بصغر حجمه وإتقانه السباحة.
يخرج الخفاش فأري الذنب الأصغر للبحث عن الطعام بعد غروب الشمس ويطير فوق الأرض معتمداً على أذنيه الكبيرتين لاكتشاف اللافقاريات الكبيرة مثل الديدان والعناكب والعقارب والخنافس. ويصطاد فرائسه الطائرة وتلك التي تعيش على الأرض. يعيش الخفاش فأري الذنب الأصغر٫ والذي يُمكنه الجري سريعاً، في مناطق صخرية قليلة الخضرة، وغالباً ما يجثم في الشقوق الصخرية والجدران والمنازل والأنفاق والكهوف. كما يُمكن العثور على مستعمراته الصغيرة من خلال رؤية وشم رائحة الفضلات التي تسقط تحتها مباشرة، وتصدر هذه الخفافيش صوتاً ذا طبقة عالية يستطيع البشر سماعها.
ومن أنواع الخفافيش الأخرى المُسجّلة في المملكة العربية السعودية خفاش الفاكهة المصري (Rousettus aegyptiacus) الأكبر حجماً والذي يعيش حول مزارع الفاكهة ويتغذّى حصرياً على الفاكهة.
يعيش هذا الماعز البري على الجروف الصخرية، ويتميز بقرنيه الجميلين. ويعتبر الوعل (البدن) من الأنواع المُهدّدة بالانقراض بسبب فقدان الموائل والصيد ومنافسة الحيوانات الأخرى له على الطعام في أماكن تواجده في إفريقيا والشرق الأوسط. تم إنشاء محميّات طبيعية له في المملكة العربية السعودية للمساعدة على تكاثر أعداده وقد تراه متجوّلاً في محميّة حوطة بني تميم وفي الجبال الغربية للدرع العربي ومنطقة حائل.
تتزايد أعداد هذا الظبي الصغير ذو اللون الفاتح المتموّج في المناطق البريّة بفضل الجهود التي بذلتها الحكومة السعودية. ويُعرف هذا الظبي في اللغة العربية باسم ظبي الريم. ويحصل على ما يلزمه من الرطوبة من الندى والنباتات التي يأكلها، ويعيش غالباً في مناطق الكثبان الرملية التي تحتوي على ما يكفيه من الشجيرات والأعشاب. يُمكن رؤيته في الصباح الباكر أو قبل الغروب غالباً، بينما يقضي معظم ساعات الظهيرة الحارة مختبئاً من الشمس. وللظبي الذكر قرنان سوداوان رفيعان بعض الشيء على شكل حرف S. أما الأنثى، فقرناها أقصر وأكثر استقامة. كان يتم اصطياد هذه الظباء في الماضي من أجل لحمها وقرونها وجلودها.